والقرآن وتأويله ، وكثرة الرواية للآثار ، وأنه كان عالما بمولاه. وفي تقريظ جلّة أصحاب ابن عباس إيّاه ووصفهم له بالتقدّم في العلم وأمرهم الناس بالأخذ عنه ، ما بشهادة بعضهم تثبت عدالة الإنسان ، ويستحقّ جواز الشهادة. ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح ، وما تسقط العدالة بالظنّ ، ويقول فلان لمولاه : لا تكذب عليّ ، وما أشبهه من القول الذي له وجوه وتصاريف ومعان غير الذي وجّهه إليه أهل الغباوة ، ومن لا علم له بتصاريف كلام العرب (١).
وقال أبو نعيم : ومنهم مفسّر الآيات المحكمة ، ومنوّر الروايات المبهمة ، أبو عبد الله مولى ابن عباس عكرمة. كان في البلاد جوّالا ، ومن علمه للعباد بذّالا (٢).
وأما الذين طعنوا فيه ، فقد قصرت أنظارهم ولم يعرفوا وجه المخرج من ذلك ، مع وضوح براءة الرجل مما قيل فيه. ويتلخص في رميه بالكذب ، وميله إلى رأي الخوارج. أما الأول فلرواية رووها عن ابن عمر أنه قال لمولاه نافع : لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس. وأما الثاني فلوهم توهّموه من سفرته إلى المغرب عند تجواله البلاد ، وأن الخوارج هناك أخذوا عنه أحاديث.
ومن الواضح أنّ هكذا تشبّثات غريبة إنما تنمّ عن حسد كان يحمله مناوئوه تجاه منزلة الرجل وشموخه في الفقه والعلم ، بمعاني القرآن الكريم.
قال ابن حجر ـ بشأن الرواية عن ابن عمر ـ : إنها ضعيفة الإسناد ، فضلا عن اختلاف المتن وتباين النقل فيها. قال : إنها لم تثبت ؛ لأنها من رواية أبي خلف الجزّار عن يحيى البكّاء ، والبكّاء متروك الحديث.
__________________
(١) عن المقدمة لابن حجر ، ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩.
(٢) حلية الأولياء ، ج ٣ ، ص ٣٢٦ ، رقم ٢٤٥.