مدح لا قدح (١). قلت : معنى «لو أدركته لنفعته» (٢) : إنه لم يدركه فلم ينتفع بما كان من شأنه أن ينتفع به. وكذا معنى «إن أدركته علّمته كلاما لم تطعمه النار» (٣) : إن كنت لقّنته لم تذقه النار أصلا. فلازم ذلك أنه بسبب عدم هذا الانتفاع يكون بمعرض لإذاقة النار ـ على بعض ذنوبه أحيانا ـ أو فوته بعض المنافع لذلك.
وعلى جميع هذه الفروض ، لا تدل الرواية على أنه كان من المخالفين أو الفاسقين ، حاشاه من عبد صالح كان تربية مثل ابن عباس من خاصة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهذا كما يقال : لو عمل كذا لنفعه أو لم يكن ليتضرر شيئا ، ولازمه أنه لم ينتفع بذلك ، أو تضرر شيئا.
وللمولى المجلسي العظيم كلام بشأن عكرمة ، عند ما نقل عنه في تفسير قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٤) إنها نزلت بشأن أبي ذرّ وصهيب (٥) ، على خلاف سائر المفسّرين قالوا : نزلت بشأن علي عليهالسلام ليلة المبيت. قال ـ بصدد القدح في الرواية ـ : إن راويها عكرمة ، وهو من الخوارج (٦).
ولعلّ هذا منه كان جدلا ، وإلّا فالرواية في نفسها ضعيفة لضعف الراوي لا المروي عنه. فقد أخرجها الطبري عن طريق الحجاج بن محمد المصيصي عن ابن جريج عن عكرمة. والمصيصي ضعيف واه ، قد خلط في كبره ، ومن ثمّ تركه
__________________
(١) قاموس الرجال ، ج ٦ ، (ط أولى) ، ص ٣٢٧.
(٢) كما في رواية الكشّي «لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته». (ط نجف) ، ص ١٨٨ رقم ٩٤.
(٣) كما في رواية البرقي ـ المحاسن باب ١٩ (المعرفة) من كتاب الصّفوة والنّور والرحمة ، رقم ٦٣.
(٤) البقرة / ٢٠٧.
(٥) الطبري ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ، والمجمع ، ج ٢ ، ص ٣٠١.
(٦) بحار الأنوار ، ج ٣٦ (ط بيروت) ص ٤٥.