حسبما أملت عليه الحياكات الشائعة عنه (١) ، وإلّا فهو متناقض مع انقطاعه إلى الإمام. كيف يختص بالحضور لدى إمام معصوم من أهل بيت النبوّة ، من كان يرى رأي خارجيّ مبغض لآل أبي طالب بالخصوص؟! إن هذا إلّا تناقض ، يرفضه العقل السليم ، فهذا قول ساقط لا وزن له مع سائر تعابير الحديث المتقنة.
وأخيرا فإن قوله عليهالسلام : لقّنوا موتاكم الخ مع اهتمامه البالغ بشأن إدراكه قبل الموت ليلقّنه ؛ لدليل واضح على كونه ممن يرى رأيهم لا رأي غيرهم ، وإلّا فلا يتناسب قوله أخيرا مع فعله أولا ، فتدبّر.
وهذه الرواية رويت مع اختلاف في بعض ألفاظها ، رواها البرقي في كتاب «الصفوة» بإسناده إلى أبي بكر الحضرمي ، (٢) والكشّي عن طريق محمد بن مسعود العياشي بإسناده إلى زرارة بن أعين عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام (٣).
غير أن الكشّي استنتج من قول الإمام : «لو أدركته لنفعته» أنه مثل ما يروى «لو اتّخذت خليلا لاتّخذت فلانا خليلا» لا يوجب لعكرمة مدحا بل أوجب ضده (٤).
لكنه استنتاج غريب ناشئ عن ذهنيّته الخاصّة بشأن الرجل. قال المحقق التستري ـ ردّا عليه ـ : إن الرواية المقيس عليها غير ثابتة ، وعلى فرض الثبوت فهو
__________________
(١) فقد كان طلبه الوالى على المدينة ، فتغيّب عند داود بن الحصين ، حتى مات عنده ، غير أنّ الإمام أبا جعفر وصحابته الخواصّ كانوا يعرفون موضعه. وفي ذلك أيضا دلالة على كونه من الخاصّة. (طبقات ابن سعد ، ج ٥ ، ط ليدن ، ص ٣١٦)
(٢) المحاسن (ط نجف) ص ١١٢ ـ ١١٣ ، باب ١٩ المعرفة ، رقم ٦٣. والبحار ، ج ٦٨ (ط طهران) ، ص ١١٩ ـ ١٢٠ ، رقم ٤٨.
(٣) رجال الكشّي (ط نجف) ، ص ١٨٨ رقم ٩٤.
(٤) اختيار معرفة الرجال (ط مشهد) ، ص ٢١٦ ، رقم ٣٨٧. و (ط مؤسسة آل البيت) ج ٢ ، ص ٤٧٧ ـ ٤٧٨.