توثيقات قيّمة (١).
ويبدو من روايات أصحابنا الإمامية كونه من المنقطعين إلى أبواب آل بيت العصمة ، وفقا لتعاليم تلقّاها من مولاه ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ. فقد روى محمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى أبي بصير ، قال : كنا عند الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام وعنده حمران ؛ إذ دخل عليه مولى له ، فقال : جعلت فداك ، هذا عكرمة في الموت ، وكان يرى رأي الخوارج ، وكان منقطعا إلى أبي جعفر عليهالسلام.
فقال لنا أبو جعفر : أنظروني حتى أرجع إليكم ، فقلنا : نعم. فما لبث أن رجع ، فقال : أما إني لو أدركت عكرمة ، قبل أن تقع النفس موقعها لعلّمته كلمات ينتفع بها ، ولكنّي أدركته وقد وقعت النفس موقعها. قلت : جعلت فداك ، وما ذاك الكلام؟ قال : هو ـ والله ـ ما أنتم عليه ، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلّا الله والإقرار بالولاية (٢).
في هذه الرواية مواضع للنظر والإمعان : أولا دخول مولى أبي جعفر بذلك الخبر المفاجئ ، لدليل على أنّ لعكرمة كانت منزلة عند الإمام عليهالسلام ، وكان الإمام يهتمّ بشأنه. ثانيا قوله : وكان منقطعا إلى أبي جعفر ، يؤيّد كون الرجل من خاصّة أصحابه ، ولم يكن يدخل على غيره دخوله على الإمام عليهالسلام.
وأما قوله : وكان يرى رأي الخوارج ، فهو من كلام الراوي ، حدسا بشأنه ،
__________________
(١) راجع : مقدمة فتح الباري ، ص ٤٢٨.
(٢) الكافي الشريف ، ج ٣ ، ص ١٢٣ ، رقم ٥. باب تلقين الميّت من كتاب الجنائز. والمرآة ، ج ١٣ ، ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩.