فنسبوه إليهم. وقد برّأه أحمد والعجلي من ذلك ، فقال ـ في كتاب الثقات له ـ : عكرمة مولى ابن عباس ، مكّيّ تابعي ثقة ، بريء مما يرميه الناس به من الحروريّة.
وقال ابن جرير : لو كان كل من أدّعي عليه مذهب من المذاهب الرّديئة ، ثبت عليه ما أدّعي به ، وسقطت عدالته ، وبطلت شهادته بذلك ؛ للزم ترك أكثر محدّثي الأمصار ؛ لأنه ما منهم إلّا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه (١).
قال الذهبي : عكرمة مولى ابن عباس ، أحد أوعية العلم. تكلّم فيه ، لرأيه لا لحفظه ، فاتّهم برأي الخوارج. وقد وثّقه جماعة ، واعتمده البخاري (٢).
وأما الكذب فلا منشأ لرميه به سوى حديث ابن عمر الآنف ، وفي طريقه ضعف الأمر الذي لا يصطدم مع وفرة توثيقه : أخرج ابن حجر عن البخاري قال : ليس أحد من أصحابنا إلّا احتج بعكرمة. وقال ابن معين : إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة فاتّهمه على الإسلام. وقال المروزي : قلت لأحمد بن حنبل : يحتج بحديث عكرمة؟ قال : نعم. قال المروزي : أجمع عامّة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة ، واتّفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا ، منهم : أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، ويحيى بن معين. قال : ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه ، فقال : عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا ، وتعجّب من سؤالي إيّاه. قال : وحدّثنا غير واحد أنهم شهدوا يحيى بن معين ، وسأله بعض الناس عن الاحتجاج بعكرمة ، فأظهر التعجّب. وقال البزّار : روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان ، كلهم رضوا به ، إلى غيرها من
__________________
(١) فتح الباري ـ المقدمة ـ ص ٤٢٧.
(٢) ميزان الاعتدال ، ج ٣ ، ص ٩٣ ، رقم ٥٧١٦.