وأفت للناس ، فإني أحبّ أن يرى في شيعتي مثلك» (١). وهكذا روى الكشّي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام كان يقول له : «جالس أهل المدينة ، فإني أحبّ أن يروا في شيعتنا مثلك». وقد استجاز الإمام أن يفتيهم حسبما يرون ، قال : إني أقعد في المسجد ، فيجيئني الناس فيسألوني ، فإن لم أجبهم لم يقبلوا مني ، وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء منكم. فأجازه الإمام أن يفتي للناس حسبما علم أنه من قولهم. قال : «انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك» (٢).
قال الشيخ : وكان أبان بن تغلب قارئا فقيها لغويّا نبيلا ، وسمع العرب وحكى عنهم وصنّف كتاب «الغريب في القرآن» ، وذكر شواهده من الشعر. قال : فجاء فيما بعد عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي ، فجمع من كتاب أبان ، ومحمد ابن السائب الكلبي ، وأبي روق ابن عطيّة بن الحرث ، فجعله كتابا واحدا ، فيما اختلفوا فيه وما اتفقوا عليه. فتارة يجيء كتاب أبان مفردا ، وتارة يجيء مشتركا ، على ما عمله عبد الرحمن.
قال : ولأبان ـ رحمة الله عليه ـ قراءة مفردة. ورفع إسناده إلى محمد بن موسى بن أبي مريم صاحب اللؤلؤ ، قال : سمعت أبان بن تغلب ، وما أحد أقرأ منه ، يقرأ القرآن من أوّله إلى آخره ، وذكر القراءة ...
قال : ولأبان كتاب الفضائل ـ ثم ذكر طريقه إليه ـ كما أن له أصلا. قال : ومات أبان سنة (١٤١) في حياة الإمام الصادق عليهالسلام. ولمّا بلغه نعيه ، قال : «أما والله ، لقد أوجع قلبي موت أبان» (٣).
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٧.
(٢) رجال الكشّي ، ص ٢٨٠ (ط نجف)
(٣) الفهرست ، ص ٦ ـ ٧.