وأخرج النجاشي بإسناده إلى الحسين بن سعيد بن أبي الجهم ، قال : حدّثني أبي عن أبان بن تغلب ، في قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ). وذكر التفسير إلى آخره. قال : ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القراء. وعن محمد بن موسى بن أبي مريم ، قال : سمعت أبان بن تغلب ، وما رأيت أحدا أقرأ منه قطّ ، يقول : «إنما الهمز رياضة» (١) وذكر قراءته إلى آخرها. قال : وله كتاب الفضائل ، وكتاب صفّين ، وكتاب تفسير غريب القرآن.
قال إبراهيم النخعي : كان أبان رحمهالله مقدّما في كل فنّ من العلم ، في القرآن ، والفقه ، والحديث ، والأدب ، واللغة ، والنحو.
وعن أبان بن محمد بن أبان بن تغلب ، قال : سمعت أبي يقول : دخلت مع أبي إلى أبي عبد الله عليهالسلام فلما بصر به أمر بوسادة فألقيت له ، وصافحه واعتنقه وسأله ورحّب به. قال : وكان أبان إذا قدم المدينة تقوّضت إليه الحلق وأخليت له سارية النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
وعن عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : كنّا في مجلس أبان بن تغلب ، فجاءه شابّ فقال : يا أبا سعيد ، أخبرني كم شهد مع عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال له أبان : كأنّك تريد أن تعرف فضل عليّ بمن تبعه من أصحاب رسول الله؟ فقال الرجل : هو ذاك. فقال : والله ما عرفنا فضلهم إلّا باتّباعهم إيّاه.
وقال أبان لأبي البلاد : تدري من الشيعة؟ الشيعة الذين إذا اختلف الناس عن
__________________
(١) أي في إظهار الهمز مشقة وصعوبة وتكلّف بلا ثمر ، فلا بد من ترك الإظهار ، الذي هو لغة قريش ، كانوا لا ينبرون بالهمز ، وقد نهى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه أيضا.
(٢) أي كانت الحلق والصفوف المتراصّة من الناس تتقوض وتتفرّق لتجتمع إلى حلقة أبان. والسارية : هو الأسطوانة ، التي كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يجلس عندها.