ليلة القدر ، ثم نزل تدريجا طوال عشرين عاما» (١).
ولذلك فرض علامتنا الطباطبائي وجودين للقرآن الكريم ونزولين. وكان نزوله الدفعي بوجوده البسيط الذي كان بمنزلة الروح لهذا القرآن ، النازل تدريجا بوجوده التفصيلي.
وبذلك نراه قد جمع بين ظواهر الآيات ودلالة الروايات ، وأيّد ذلك بالفارق اللغوي بين لفظتي «الإنزال» و «التنزيل».
لكن تشريف شهر رمضان إنما كان بنزول هذا القرآن المعهود لدى المخاطبين بهذا الخطاب ، لا بأمر لا يعرفونه!
على أنّ القرآن النازل في هذا الشهر ، قد وصف بكونه (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ)(٢) ومعلوم أنّ الهداية والبيّنات ، إنما هي بهذا الكتاب الذي يتداولونه ، لا بكتاب مكنون عند الله محفوظ لديه في مكان عليّ لا تناله الأيدي والأبصار.
كما أن الذي يبتغيه أهل الزيغ لأجل الفساد في الأرض ، هو تفسير الآيات على غير وجهها ، لا وجودا آخر للقرآن ، هو في أعلى علّيين.
فقوله رحمهالله : «وأنه موجود لجميع الآيات محكمها ومتشابهها ، وأنه ليس من قبيل المفاهيم بل من الأمور العينية المتعالية من أن يحيط بها شبكات الألفاظ ...» غير مفهوم لنا.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٩٤ ، ص ١٤ ، رقم ٢٣.
(٢) البقرة / ١٨٥.