فلما قتلهم قام عليّ وفي يده قدوم فضرب بابا ، وقال : صدق الله ورسوله (١).
قلت : هذا الذي روى عن الشعبي ، لعلّه كسائر ما روي عنه أنه لم يشهد الجمل من الصحابة سوى عليّ وعمّار وطلحة والزبير. قالوا ـ إن صحّت الرواية ـ : فهذا من أفحش كذبه (٢) ، والظاهر أنه مكذوب عليه ؛ لأنه هو القائل عن تثاقل أهل المدينة للخروج مع عليّ عليهالسلام في واقعة الجمل : ما نهض في تلك الفتنة إلّا ستة بدريّون ، منهم : أبو الهيثم ابن التّيهان ، وخزيمة بن الثابت ذو الشهادتين وغيرهما (٣).
وأما ما ذكروه من أنه وقف بين الصّفّين في صفّين ، وجعل يثبّط الناس عن أمير المؤمنين عليهالسلام وتلا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ. وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ. إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً)(٤) ، ففيه مواضع من الخلط والاشتباه :
أولا : إن هذا متناف مع قولهم : إنه تخلّف عن حرب صفّين ، في نفر من أهل الكوفة ، وخرج إلى قزوين يرافقه مرّة الهمداني (٥). والأرجح ـ إن صح الخبر ـ أنه مسروق العكّي ، كانت له رؤية ، وكان مع معاوية يحرّضه على عدم الطاعة لعلي عليهالسلام (٦).
__________________
(١) تاريخ بغداد ، ج ١٣ ، ص ٢٣٢. القدوم : آلة للنحت والنجر.
(٢) قاموس الرجال ، ج ٥ ، ص ١٩٠.
(٣) الكامل في التاريخ ، ج ٣ ، ص ٢٢١.
(٤) النساء / ٢٩.
(٥) قاموس الرجال ، ج ٨ ، ص ٤٧٥ ـ ٤٧٦. وكامل ابن الأثير ، ج ٣ ، ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٦) ذكره ابن حجر في الإصابة ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ ، رقم ٧٩٣٤.