(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ)(١).
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ)(٢).
لأن الكتاب الذي منه محكم ومتشابه ، هو هذا الكتاب الذي نزل تدريجا. (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً)(٣) ؛ إذ الذي نزل مفصّلا هو هذا القرآن الذي نزل منجما.
وأخيرا فما هي الفائدة المتوخّاة من وراء نزول القرآن دفعة واحدة إلى السماء الدنيا أو إلى السماء الرابعة ، في البيت المعمور أو بيت العزة ـ على الاختلاف في ألفاظ الروايات ـ ، ثم نزوله بعد ذلك تدريجا في طول عهد الرسالة؟
وهل لوجود القرآن بوجوده البسيط الروحاني ـ في ذلك المكان الرفيع ـ فائدة تعود على أهل السماوات أو سكان الأرضين؟
وأجاب الفخر الرازي عن ذلك ، وعلل وجود القرآن هناك ، في مكان أنزل من العرش وأقرب إلى الأرض ؛ ليسهل التناول منه لجبرائيل عند مسيس الحاجة. (٤)
وعلّل بعض الأساتذة المعاصرين ذلك ، بأنّ الرابط بين ذلك القرآن المحفوظ لديه تعالى ، وهذا القرآن المعروض على الناس ، هو «رابط العليّة» فكل ما في هذا القرآن من حكم ومواعظ وآداب ، وتعاليم ومعارف وأحكام ، إنما تنشأ مما حواه
__________________
(١) البقرة / ٢٢.
(٢) آل عمران / ٧.
(٣) الأنعام / ١١٤.
(٤) التفسير الكبير ، ج ٥ ، ص ٨٥.