القسري (١) أمير ، وكان في المسجد عند زمزم ، فقال : ادعوا لي قتادة ، فجاء شيخ أحمر الرأس واللّحية ، فدنوت لأسمع.
فقال خالد : يا قتادة ، أخبرني بأكرم وقعة كانت في العرب ، وأعزّ وقعة كانت في العرب ، وأذلّ وقعة كانت في العرب!
فقال قتادة : أصلح الله الأمير ، أخبرك بأكرم وقعة ، وأعزّ وقعة ، كانت في العرب واحدة!
فقال خالد : ويحك ، واحدة؟! قال : نعم ، أصلح الله الأمير. قال : أخبرني؟
قال قتادة : بدر! قال : وكيف ذا؟ قال : إن بدرا أكرم الله بها الإسلام وأهله ، وبها أعزّ الله الإسلام وأهله. فلما قتلت قريش يومئذ ، ذلّت العرب ؛ فكانت أذلّ وقعة في العرب.
فقال له خالد : كذبت لعمر الله ، إن كان ، في العرب يومئذ من هو أعزّ منهم (٢).
ثم قال خالد : ويلك يا قتادة ، أخبرني ببعض أشعارهم؟
قال : خرج أبو جهل يومئذ ، وقد أعلم ليرى مكانه ، وعليه عمامة حمراء ، وبيده ترس مذهّب ، وهو يقول :
ما تنقم الحرب الشموس منّي |
|
بازل عامين حديث السنّ |
لمثل هذا ولدتني أمّي
__________________
(١) كان عاملا لهشام بن عبد الملك على العراقين. وكان ملحدا زنديقا مخنّثا عدوّا للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام. كان يقول : لو أمرني هشام بتخريب الكعبة لهدّمتها ونقلت حجارتها إلى الشام. كان أبوه من أصل يهود تيماء. وكان أبوه عبد الله بن يزيد مع معاوية في صفّين. وكانت أمّه رومية نصرانية ، كان بنى لها قبّة في مسجد الكوفة ، وكان إذا أذن المؤذّن ضرب لها الناقوس ، وإذا خطب الخطيب رفع النصارى أصواتهم حولها. (سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٤٠٦ ـ خ ل د)
(٢) غلبته حميّة جاهلية ، فلم يرضه الاعتراف بمذلّة العرب يومذاك.