مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(١).
فالآية ـ حسب ظاهرها ـ وردت بشأن قوم موسى واستضعاف فرعون لهم ، فأراد الله أن يرفع بهم ويستذلّ فرعون وقومه.
لكن الآية في مفادها العام وعد بنصر المستضعفين في الأرض ورفعهم على المستكبرين ، في أيّ عصر وفي أيّ دور ، سنّة الله التي جرت في الخلق. لكن على شرائط يجب توفّرها كما توفّرت حينذاك على عهد موسى وفرعون ، فإن عادت الشرائط وتهيّأت الظروف ، فإن السنّة تجري كما جرت أول الأمر.
وبذلك جاء تأويل الآية بشأن مهديّ هذه الأمّة ، واستخلاص المستضعفين في الأرض على يده من نير المستكبرين.
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ـ : «لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ، ثم تلا هذه الآية» (٢).
وفي كتاب الغيبة قال أمير المؤمنين عليهالسلام ـ : «هم آل محمد ـ صلوات الله عليه ـ يبعث الله مهديّهم بعد جهدهم ، فيعزّهم ويذلّ أعدائهم». والروايات بهذا المعنى كثيرة جدا (٣).
فقد جاء ذكر موسى وقومه وفرعون وقومه ، والمقصود ـ في باطن الآية ـ كل مستضعف في الأرض ومستكبر فيها.
قال الإمام السجاد : والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ، إنّ الأبرار منا
__________________
(١) القصص / ٥.
(٢) يقال : شمس الفرس شموسا وشماسا ، إذا استعصى على راكبه. والضروس : الناقة السيئة الخلق تعضّ حالبها.
(٣) راجع : تفسير الصافي ، ج ٢ ، ص ٢٥٣.