مَعِينٍ)(١) فقد فسّرها قوم حسبما ورد من روايات في تأويلها ، فحسبوها مفسرات. قال علي بن إبراهيم ـ بصدد تفسير الآية ـ : أرأيتم أن أصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بإمام مثله ، واكتفى بذلك. واستشهد بحديث الرضا عليهالسلام سئل عن هذه الآية ، فقال : ماؤكم : أبوابكم ، أي الأئمّة عليهمالسلام. والأئمّة أبواب الله بينه وبين خلقه ، (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) ، يعني بعلم الإمام (٢).
وكناية «الماء المعين» عن العلم الصافي عن أكدار الشبهات ، أمر معروف ، قال تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً)(٣). وهكذا جاء في تفسير الصافي للمولى محسن الفيض (٤).
غير أن ذلك تأويل للآية وليس تفسيرا لها ؛ حيث أخذ «الماء» في مفهومه الأعم من الحقيقي والكنائي ، أي فيما يورث الحياة ويوجب تداومها وبقاءها ، إن مادّيا أو معنويا ، ليشمل الماء الزلال والعلم الصافي جميعا ، وبهذا المعنى العام يشمل كلا الأمرين. فاستخلاص مثل هذا العموم من لفظ الآية ، يعتبر تأويلا لها.
وفي رواية الصدوق ـ في الإكمال ـ تصريح بذلك ؛ حيث سئل الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام عن تأويل هذه الآية بالذات ، فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون؟! ليمتاز التأويل عن التفسير.
وقوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما
__________________
(١) الملك / ٣٠.
(٢) تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ٣٧٩.
(٣) الجن / ١٦.
(٤) تفسير الصافي ، ج ٢ ، ص ٧٢٧.