فهذا من التأويل الذي هو مفاد باطن الآية ، وليس من التفسير الذي هو مفاد ظاهرها.
هذا المولى محسن الفيض الكاشاني ، حسب من هذه الروايات الواردة بتفسير الآية بأهل البيت ، تفسيرا حقيقيا حسب ظاهر اللّفظ. قال : في الكافي والقمّي والعياشي عنهم عليهمالسلام في أخبار كثيرة : رسول الله «الذكر» وأهل بيته المسئولون وهم «أهل الذكر» وأضاف : أن المستفاد من هذه الأخبار أن المخاطبين بالسؤال هم المؤمنون دون المشركين ، وأن المسئول عنه هو كل ما أشكل عليهم دون كون الرسل رجالا. قال : وهذا إنما يستقيم إذا لم يكن (وَما أَرْسَلْنا) ردّا للمشركين ، أو كان (فَسْئَلُوا ...) كلاما مستأنفا ، أو كانت الآية ممّا غيّر نظمه ، ولا سيّما إذا علّق قوله (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) بقوله (أَرْسَلْنا) ، فإن هذا الكلام ، بينهما. وأما أمر المشركين بسؤال أهل البيت عن كون الرسل رجالا لا ملائكة ، مع عدم إيمانهم بالله ورسوله ، فممّا لا وجه له (١).
انظر إلى هذا التكلّف الذي وقع فيه لتوجيه ما حسبه تفسيرا للآية ، فلو أنه أخذه تأويلا لها مستخلصا عموم المراد من ظاهر اللفظ ؛ وذلك لعموم مناط الحكم في المراجعة والسؤال ؛ لكان قد استراح بنفسه.
نعم ، وردت الآية بشأن المشركين ، وهم جهال ، ليسألوا أهل الكتاب ؛ لأنهم علماء. وهذا الدستور العقلاني عام في ملاكه ومناطه ، فليكن عاما في خطابه وشموله. هكذا يستفاد العموم من اللفظ ويستخلص الشمول من الملاك ، ويسمّى ذلك تأويلا ، أي مآل الكلام في نهاية المراد.
وهكذا قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ
__________________
(١) راجع : تفسير الصافي ، ج ١ ، ص ٩٢٥.