ببعض الرأس ، لمكان الباء ... (١).
يعني أنه غيّر الأسلوب وزاد حرف الربط «الباء» بين الفعل ومتعلقه ، مع عدم حاجة إليه في ظاهر الكلام ؛ حيث كلا الفعلين (الغسل والمسح) متعدّيان بأنفسهما ، يقال : مسحه مسحا ، كما يقال : غسله غسلا (٢). فلا بدّ هناك من نكتة معنوية في هذه الزيادة غير اللازمة حسب الظاهر ؛ إذ زيادة المباني تدل على زيادة المعاني.
وقد أشار عليهالسلام إلى هذا السرّ الخفيّ بإفادة معنى التبعيض في المحل الممسوح ، استنباطا من موضع الباء هنا. ذلك أنه لو قال : وامسحوا رءوسكم ، لاقتضى الاستيعاب ، كما في غسل الوجه.
فقوله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) يستدعي التكليف بالمسح مرتبطا بالرأس ، أي أن التكليف هو حصول ربط المسح بالرأس ، الذي يتحقق بأوّل إمرار اليد المبتلّة بأوّل جزء من أجزاء الرأس ؛ إذ حين وضع اليد على مقدّم الرأس ـ مثلا ـ وإمرارها ، يحصل ربط المسح بالرأس ، وعنده يسقط التكليف ؛ لأنّ المكلّف به قد حصل بذلك. ولا تعدّد في الامتثال ، كما قرر في الأصول.
فكانت زيادة «الباء» هي التي دلّتنا على هذه الدقيقة في شريعة المسح ، بعد ورود القول به من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فيا له من استنباط رائع مستند إلى دقائق الكلام.
هذا ، وغير خفي أن هذه الاستفادة الكلاميّة لا تعني استعمال الباء في معنى
__________________
(١) الكافي الشريف ، ج ٣ ، ص ٣٠ رقم ٤. والآية من سورة المائدة.
(٢) قال ابن مالك :
علامة الفعل المعدّى أن تصل |
|
ها غير مصدر به نحو عمل. |