فيه ، دفعة أو متفرّقة ، كان ذلك مباحا غير محظور ، ووقع ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال قوم : إذا طلّقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثا ، دفعة واحدة أو متفرّقة ، فعل محرّما وعصى وأثم. وفي الفقهاء من قال بالحرمة إلّا أنه يقع ، وهم أبو حنيفة وأصحابه ومالك (١).
والخلاصة أن الشافعي وأحمد لا يريان ذلك طلاق بدعة ، فيجيزان الطلاق الثلاث بلفظ واحد وإن كان الثاني والثالث لغير عدّة ، فإنّه جائز ونافذ أيضا.
أمّا أبو حنيفة ومالك فيريانه بدعة وإثما ، لكنه يقع نافذا (٢).
وعلى أيّ تقدير ، فالمذاهب الأربعة متّفقة على وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد. قال الجزيري : فإذا طلّق الرجل زوجته ثلاثا دفعة واحدة ، بأن قال لها : أنت طالق ثلاثا ، لزمه ما نطق به من العدد ، في المذاهب الأربعة ، وهو رأي الجمهور (٣).
وهذا من جملة الموارد التي خالف الفقهاء صريح الكتاب ، لزعم أنه وردت السنّة به ، إمّا تأويلا لنص الآية أو نسخا لها فيما زعموا. حاشا فقهاء الإمامية ، لم يخالفوا الكتاب في شيء ، كما هو عملوا بالسّنّة الصحيحة الواردة عن طرق أهل
__________________
(١) راجع : الخلاف ، ج ٢ ، ص ٢٢٤ م ٢. وص ٢٢٦ م ٣.
(٢) راجع : صحيح النسائي ، ج ٦ ، ص ١١٦ الهامش.
(٣) الفقه على المذاهب الأربعة ، ج ٤ ، ص ٣٤١.
لكن في كتاب مسائل الإمام أحمد بن حنبل الذي جمعه أبو داود السجستاني صاحب السنن (ص ١٦٩) : أن أبا داود قال : سمعت أحمد ، سئل عن الرجل يطلّق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة ، فلم ير ذلك ، لكنه في موضع آخر (ص ١٧٣) في البكر تطلّق ثلاثا ، قال : هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.