عهد خلافة النبوّة حقّا. قال : والطائفة الثانية رأت صحة حديث سبرة ، ولو لم يصحّ فقد صحّ حديث علي عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حرّم متعة النساء ، فوجب حمل حديث جابر على أنّ الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم ، ولو لم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر ، فلمّا وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر. قال : وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها (١).
وذهب القرطبي ـ من المفسرين ـ إلى أن الآية ليست بشأن المتعة ، وإنما هي بشأن النكاح التام. قال : ولا يجوز أن تحمل الآية على جواز المتعة ؛ لأن النبيّ ـ ص ـ نهى عن نكاح المتعة وحرّمه ؛ ولأنّ الله تعالى قال : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) ومعلوم أن النكاح بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بوليّ وشاهدين ، ونكاح المتعة ليس كذلك.
قال : وقال الجمهور : المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام ، ونسختها آية ميراث الأزواج ؛ إذ كانت المتعة لا ميراث فيها. وقالت عائشة والقاسم بن محمد : تحريمها ونسخها في القرآن ، وذلك قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ)(٢) ، وليست المتعة نكاحا ولا ملك يمين.
ونسب إلى ابن مسعود أنه قال : المتعة منسوخة نسختها الطّلاق والعدة والميراث.
وقال بعضهم : إنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرّمت عدة مرات. قال ابن
__________________
(١) زاد المعاد لابن قيم ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥.
(٢) المؤمنون / ٥ ـ ٦.