العربي : وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة ؛ لأنها أبيحت في صدر الإسلام ، ثم حرّمت يوم خيبر ، ثم أبيحت في غزوة أوطاس ، ثم حرّمت بعد ذلك ، واستقر الأمر على التحريم. وليس لها أخت في الشريعة إلّا مسألة القبلة ؛ لأن النسخ طرأ عليها مرّتين ، ثم استقرت بعد ذلك.
وقال غيره ـ ممّن زعم أنه جمع طرق الأحاديث في ذلك ـ : إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات.
وقال جماعة : لا ناسخ لها سوى أنّ عمر نهى عنها ... وروى عطاء عن ابن عباس ، قال : ما كانت المتعة إلّا رحمة من الله رحم بها عباده ، ولو لا نهي عمر عنها ما زنى إلّا شقيّ (١).
وهكذا روى ابن جرير الطبري بإسناده إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «لو لا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شقيّ» (٢). ويروى «إلّا شفى» بالفاء المفتوحة ، أي قليل من الناس (٣).
قال ابن حزم الأندلسي : كان نكاح المتعة ـ وهو النكاح إلى أجل ـ حلالا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم نسخها الله تعالى على لسان رسوله ، نسخا باتّا إلى يوم القيامة.
وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جماعة من السلف ، منهم من
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ٥ ، ص ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٥ ، ص ٩.
(٣) قال ابن الأثير : من قولهم : غابت الشمس إلّا شفى ، أي قليلا من ضوئها عند غروبها. وقال الأزهري : «إلّا شفى» أي إلّا أن يشفى ، يعني يشرف على الزّنى ولا يواقعه. فأقام الاسم وهو الشفى مقام المصدر الحقيقي ، وهو الإشفاء على الشيء.