بالإيمان ، أو ضعيف التحقيق ، أو يعتمد على قول مفسّر ليس عنده علم ، أو راجع إلى معقوله وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من البعض. قال السيوطي : وفي هذا المعنى قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ)(١). قال سفيان بن عيينة : يقول تعالى : أنزع عنهم فهم القرآن (٢).
قلت : وهكذا قوله تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)(٣) فلا تتجلّى حقائق القرآن ومعارفه الرشيدة إلّا لمن خلص باطنه وزكت نفسه عن الأدناس والأرجاس.
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ـ في خطبة خطبها بذي قار ـ : «إنّ علم القرآن ليس يعلم ما هو إلّا من ذاق طعمه ، فعلم بالعلم جهله ، وبصر به عماه ، وسمع به صممه ، وأدرك به علم ما فات ، وحيي به بعد إذ مات ، وأثبت به عند الله الحسنات ، ومحا به السيّئات ، وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى ، فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصّة» (٤)
وقال ـ في حديث آخر ـ : «إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ، ممن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلّا الله وأمناؤه والراسخون في العلم» (٥).
__________________
(١) الأعراف / ١٤٦.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ، الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٨٨.
(٣) الواقعة / ٧٧ ـ ٧٩.
(٤) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٣٧ ، رقم ٢٦. عن روضة الكافي ، ج ٨ ، ص ٣٩٠ ـ ٣٩١ ، رقم ٥٨٦.
(٥) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٤٣ ، رقم ٤٤. عن كتاب الاحتجاج ، ج ١ ، ص ٣٧٦.