العصور ، فكان علماء الجرح والتعديل منهم إذا ذكروا بعض العظماء من رواة الشيعة ومحدّثيهم ولم يجدوا مجالا للطعن فيه لوثاقته وورعه وأمانته نبزوه بأنّه يقول بالرجعة. فكأنهم يقولون : يعبد صنما أو يجعل لله شريكا. ونادرة مؤمن الطاق مع أبي حنيفة معروفة. وأنا لا أريد أن أثبت ـ في مقامي هذا ولا غيره ـ صحة القول بالرجعة ، وليس لها عندي من الاهتمام قدر صغير أو كبير ، ولكنّي أردت أن أدلّ (فجر الإسلام) على موضع غلطه وسوء تحامله» (١).
وقال العلامة العميد الشيخ محمد رضا المظفّر : الذي تذهب إليه الإماميّة أخذا بما جاء عن آل البيت عليهمالسلام أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعزّ فريقا ويذلّ فريقا آخر ، ويدين المحقّين من المبطلين ، والمظلومين منهم من الظالمين ؛ وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليهمالسلام.
ولا يرجع إلّا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد ، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت ، ومن بعده إلى النشور وما يستحقّونه من الثواب أو العقاب ، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم ، تمنّى هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع ، فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلّهم يصلحون : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)(٢).
نعم قد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة إلى الدنيا ، وتظافرت به الأخبار عن بيت العصمة. والإمامية بأجمعها عليه إلّا قليلون منهم تأوّلوا ما ورد في الرجعة ،
__________________
(١) أصل الشيعة وأصولها للعلامة الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ، رحمهالله ، ص ٩٩ ـ ١٠١.
(٢) المؤمن / ١١.