وقال الإمام كاشف الغطاء ـ ردّا على من زعم أن القول بالرجعة ركن من أركان التشيّع ـ (١).
«وليس التديّن بالرجعة في مذهب التشيّع بلازم ، ولا إنكارها بضارّ ، وإن كانت ضروريّة عندهم ، ولكن لا يناط التشيع بها وجودا وعدما. وليست هي إلّا كبعض أنباء الغيب ، وحوادث المستقبل ، وأشراط الساعة ، مثل : نزول عيسى من السماء ، وظهور الدجّال ، وخروج السفياني وأمثالها ، من القضايا الشائعة عند المسلمين. وما هي من الإسلام في شيء ، ليس إنكارها خروجا منه ، ولا الاعتراف بها بذاته دخولا فيه. وكذا حال الرجعة عند الشيعة.
ثم قال : هل ترى المتهوّسين على الشيعة بحديث الرجعة قديما وحديثا ، عرفوا معنى الرجعة والمراد بها عند من يقول بها من الشيعة؟ وأيّ غرابة واستحالة في العقول أن سيحيي الله سبحانه جماعة من الناس بعد موتهم ، وأي نكر في هذا بعد أن وقع مثله بنصّ الكتاب الكريم. ألم يسمع المتهوّسون قصّة ابن العجوز التي قصّها الله سبحانه بقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ)(٢) ، ألم تمرّ عليهم كريمة قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)(٣) ، مع أنّ يوم القيامة تحشر فيه جميع الأمم ، لا من كل أمّة فوج.
قال : وحديث الطعن بالرجعة كان دأب علماء السنّة من العصر الأول إلى هذه
__________________
نقلها البحار ، ج ٥٣ ، ص ١٣٨ ـ ١٣٩.
(١) يقول أحمد أمين : فاليهوديّة ظهرت في التشيّع بالقول بالرجعة (فجر الإسلام ، ص ٢٧٦) ، وراجع : صفحات (٢٦٩ ـ ٢٧٠ و ٢٧٣ أيضا)
(٢) البقرة / ٢٤٣.
(٣) النمل / ٨٣.