التوقّف فيه على ما ورد في لسان العرب ، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفاهيمها تفسير شيء من الكتاب العزيز ، ولا يكفي في حقّه تعلّم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا ، وهو يعلم أحد المعنيين.
الثاني : ما لا يعذر أحد بجهله ، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمّنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد. وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليّا لا سواه ، يعلم أنه مراد الله تعالى.
فهذا القسم لا يختلف حكمه ، ولا يلتبس تأويله ؛ إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد ، من قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(١) وأنه لا شريك له في إلهيّته ، وإن لم يعلم أنّ «لا» موضوعة في اللغة للنفي و «إلّا» للإثبات ، وأنّ مقتضى هذه الكلمة الحصر. ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(٢) ونحوها من الأوامر ، طلب إدخال ماهية المأمور به في الوجود ، وإن لم يعلم أن صيغة «أفعل» مقتضاها الترجيح وجوبا أو ندبا. فما كان من هذا القسم لا يقدر أحد أن يدّعي الجهل بمعاني ألفاظه ؛ لأنها معلومة لكل أحد بالضرورة.
الثالث : ما لا يعلمه إلّا الله تعالى ، فهو يجري مجرى الغيوب ، نحو الآي المتضمنة قيام الساعة ، ونزول الغيث ، وما في الأرحام ، وتفسير الروح ، والحروف المقطّعة.
وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق ، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره ،
__________________
(١) محمد / ١٩.
(٢) البقرة / ٤٣.