ولا طريق إلى ذلك إلّا بالتوقيف ، من أحد ثلاثة أوجه :
إما نصّ من التنزيل ، أو بيان من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو إجماع الأمّة على تأويله.
فإذا لم يرد فيه توقيف من هذه الجهات ، علمنا أنه مما استأثر الله تعالى بعلمه.
قلت : وهذا إنّما يصدق بشأن الحروف المقطّعة ، فإنها رموز بين الله ورسوله ، لا يعلم تأويلها إلّا الله والرسول ، ومن علّمه الرسول بالخصوص.
والرابع : ما يرجع إلى اجتهاد العلماء ، وهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل ، وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول إليه. فالمفسّر ناقل ، والمؤوّل مستنبط ؛ وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم.
وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا ، فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه ؛ وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل ، وليس لهم أن يعتمدوا مجرّد رأيهم فيه.
ثم أخذ في بيان كيفية الاجتهاد واستنباط الأحكام من ظواهر القرآن ، عند اختلاف اللفظ أو تعارض ظاهرين ، بحمل الظاهر على الأظهر ، وترجيح أحد معنيي المشترك ، وما إلى ذلك مما يرجع إلى قواعد (علم الأصول).
ثمّ قال : فهذا أصل نافع معتبر في وجوه التفسير في اللفظ المحتمل ، والله العالم.
وأخيرا قال : إذا تقرّر ذلك فينزّل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من تكلّم في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار» على قسمين من هذه الأربعة : أحدهما : تفسير اللفظ ؛ لاحتياج المفسر له إلى التبحّر في معرفة لسان العرب ، الثاني : حمل اللفظ المحتمل