قلت : وهذا يعني العمومات الواردة في القرآن ، الوارد تخصيصاتها في السنّة ببيان الرسول ، مثل قوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) و (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) ونحو ذلك مما ورد في القرآن عامّا ، وأوكل بيان تفاصيلها وشرائطها وأحكامها إلى بيان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يجوز شرح تفاصيلها إلّا عن أثر صحيح. وهذا حق ، غير أنّ حديث المنع غير ناظر إلى خصوص ذلك.
وروى الترمذي بإسناده إلى ابن عباس عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «اتّقوا الحديث عليّ إلّا ما علمتم ، فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار» (١).
قال ابن الأنباري : فسّر حديث ابن عباس تفسيرين :
أحدهما : من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين ، فهو متعرّض لسخط الله.
والآخر : ـ وهو أثبت القولين وأصحهما معنى ـ من قال في القرآن قولا يعلم أنّ الحق غيره ، فليتبوّأ مقعده من النار.
وقال : وأما حديث جندب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» (٢) ، فحمل بعض أهل العلم هذا الحديث على أنّ الرأي معنيّ به الهوى. من قال في القرآن قولا يوافق هواه ، لم يأخذه عن أئمّة السلف ، فأصاب فقد أخطأ ، لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ، ولا يقف على مذاهب أهل
__________________
(١) قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن. الجامع ، ج ٥ ، ص ١٩٩ ، كتاب التفسير ، باب ١ ، رقم ٢٩٥١.
(٢) جامع الترمذي ، ج ٥ ، ص ٢٠٠ ، رقم ٢٩٥٢.