وكان ممن أحضر محمد بن عليّ الجواد عليهالسلام ، فسألهم عن موضع القطع.
فقال ابن أبي داود : من الكرسوع ، استنادا إلى آية التيمّم ؛ حيث المراد من اليد في ضربتيه هو الكف ، ووافقه قوم. وقال آخرون : من المرفق ، استنادا إلى آية الوضوء.
فالتفت الخليفة إلى الإمام الجواد يستعلم رأيه ، فاستعفاه الإمام ، فأبى وأقسم عليه أن يخبره برأيه.
فقال عليهالسلام : أمّا إذا أقسمت عليّ بالله ، إنّي أقول : إنّهم أخطئوا فيه السنّة ، فإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع ، فيترك الكفّ.
قال المعتصم : وما الحجّة في ذلك؟
قال الإمام : قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق ، لم يبق له يد يسجد عليها ، وقد قال الله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١) ، وما كان لله لم يقطع.
فأعجب المعتصم هذا الاستنتاج البديع ، وأمر بالقطع من الأشاجع. (٢)
انظر إلى هذه الالتفاتة الرقيقة ، يجعل من آية المساجد ، بتأويل ظاهرها (هي المعابد) إلى باطنها (الشمول لما يسجد به ، أي يتحقّق به السّجود) ، منضمّة إلى كلام الرسول في بيان مواضع السجدة ، يجعل من ذلك كلّه دليلا على تفسير آية القطع وتعيين موضعه ، بهذا النمط البديع.
وقد استظهر عليهالسلام من الآية أنّ راحة الكف ، وهي من مواضع السجود ، كانت
__________________
(١) الجن / ١٨.
(٢) تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٠.