النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ)(١).
فالإنسان التائه في ظلمات غيّه قد فقد شعوره ، وافتقد كرامته العليا في الحياة ، فهذا قد نسي نفسه وذهل عن كونه إنسانا ، يحسب من نفسه موجودا ذا حياة بهيميّة سفلى ، إنما يسعى وراء نهمه وشبع بطنه ، لا هدف له في الحياة سواه.
وهذا التسافل في الحياة كانت نتيجة تساهله بشأن نفسه وإهمال جانب كرامته ، وهذا هو معنى قوله تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(٢) ، قال تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ)(٣).
فإنّ نسيان النفس كناية عن الابتعاد عن معالم الإنسانية والشرف التليد (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ)(٤).
وقال تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا)(٥).
اختلف الفقهاء في موضع القطع من يد السارق ؛ حيث الإبهام في ذات اليد ، أنها من الكتف أم من المرفق أم الساعد أم الكرسوع (طرف الزند) أم الأشاجع (أصول الأصابع)؟
روى أبو النضر العياشي في تفسيره بالإسناد إلى زرقان صاحب ابن أبي داود ، قاضي القضاة ببغداد ، قال : أتي بسارق إلى المعتصم وقد أقرّ بالسرقة ، فسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ ، فجمع الفقهاء يستفتيهم في إقامة حدّ السارق عليه ،
__________________
(١) البقرة / ٢٥٧.
(٢) الأنعام / ١١٠.
(٣) الحشر / ١٩.
(٤) الأعراف / ١٧٦.
(٥) المائدة / ٣٨.