ما وصل سنده إلى الإمام صحيحا وثابتا وإن كان في السند ما يضعفه أو يشين به ، فكان لنا موقف إزاء الموقفين ، فتحرينا عن سند تلك الأقوال وتثبتنا من رجالها ، وفرزنا ما كان صحيحا منها أو ضعيفا أو مكذوبا عليه ، فكان نتيجة ذلك أن الروايات التفسيرية المنقولة عنه لم تكن كلها خالية من الكذب ولا معصومة كما يجب ، بل فيها ما يرد وفيها ما يعتمد في الإطار العام للفهم الشمولي للإسلام.
وأظن أن الباحثين لم يسبقوني لمثل هذه الدراسة ـ في حدود ما اطلعت عليه ـ بحثا أكاديميا كان أو تأليفا سوى أحد الباحثين المعاصرين وهو الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه «حياة الإمام الباقر (عليهالسلام)» غير أن هذا لم يكن دراسة وافية ولا فيه تحليل علمي دقيق بقدر ما كان تعريفا بالإمام وعصره والظروف التي نشأ وعاش فيها ، ولم يكن هذا قصورا من المؤلف ـ حاشا لله ـ ولكنها طريقة لإيصال المعلومات إلى أكثر عدد من الناس ، وتبقى له فضيلة السبق فقد أفدت منه إفادات كثيرة جدا فجزاه الله عني خير الجزاء.
ومنهجنا في هذه الرسالة قائم على سلوك البحث العلمي المتجرد عن التعصب والهوى استقراء واستقصاء ، مبرزا بشكل خاص ما للإمام الباقر (عليهالسلام) من جهد واضح في علوم القرآن والتفسير دون التجني على جهود الآخرين لعلمنا بأنهم جميعا كانوا يشتركون ويجتمعون على هدف واحد ، هو خدمة كتاب الله تعالى وبيان مراميه بإخلاص وتفان قل نظيرهما في التراث الإنساني.
وقد اقتضت طبيعة الرسالة أن تقسم على : مقدمة وبابين وخاتمة.
أما الباب الأول : فخصصته لدراسة حياة الإمام الباقر (عليهالسلام) وما يتعلق بها وجعلته على أربعة فصول :
الفصل الأول : عقدته لحياته الشخصية ، فعرفت باسمه ونسبه وولادته ووفاته وبينت الراجح في الأخيرتين ، وذكرت مكان دفنه وكنيته