التابعين وأثر واضح في غيره من المفسرين ، فقد عرف الإمام الباقر (عليهالسلام) بشخصيته المتميزة بين الناس وبين الأوساط العلمية في عصره ، فكما عرفناه حفيدا لرسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، مترعرعا (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)(١) عرفناه قارئا للقرآن ، وإماما مفتيا ، وناصحا أمينا ، ومفسرا بارعا ، وعالما كبيرا ، حتى غدا قرين العلم ، لا يذكر العلم في مناسبة أو مكان إلا وذكر معه ، فكان باقر علوم الأولين والآخرين بلا منازع ، فتوجهت أنظار المسلمين إليه ، ليأخذوا منه العلم كما يأخذون منه تفسير القرآن الكريم ، كاشفا لهم عن معضلات العلم وموضحا لهم غامض المسائل ، فصار مرجع الخاصة والعامة على السواء.
ولقد استهدفت من دراستي هذه أمورا منها : الكشف عن الخطوة الثانية ـ بعد الصحابة ـ التي خطاها علم التفسير وتشخيص تطوره وإبراز ما تميز به فيها وبيان مصادره وأهدافه ، ومدى مشاركة وإسهام الإمام الباقر (عليهالسلام) في إرساء بعض دعائمه وتأصيل بعض قواعده ، ليكون ذلك الكشف نورا يستهدي به فيما بعد المفسرون لكتاب الله تعالى.
ومنها : معرفة الثابت الصحيح عن الإمام الباقر (عليهالسلام) في التفسير لأهميته وضرورته لكل من يريد الفهم السليم لكتاب الله وذلك بالتحري في أقوال المفسرين ـ صحابة وتابعين ـ وبيان الصحيحة منها والتثبت فيها ، ومعرفة الضعيف والموضوع منها.
ومن المعلوم أن أقوال أئمة آل البيت عامة والإمام الباقر (عليهالسلام) خاصة قد خالطها الكثير من المنسوب إليه مما لا يصح ثبوته عنه ، فعزف بعض المفسرين عن الاعتماد على تلك الأقوال ، خشية عدم ثبوت بعض منها ، وتمادى آخرون في عزوفهم حتى أنهم ضعفوا كلّ ما ورد عنه جملة وتفصيلا ، غير ناظرين إلى سند تلك الأقوال ، واشتط آخرون في الجانب المقابل وعدوا كل
__________________
(١) النور / ٣٦.