درسا وقراءة وحفظا وعملا وسار على نهجهم جهد الميامين من التابعين وتابعي التابعين يأخذون عنهم وينقلون ما أخذوه إلى الناس وذلك للحاجة الشديدة إلى هذا الأخذ والنقل ، بعد أن اتسعت الرقعة الإسلامية بما منّ الله تعالى على المسلمين بفتح البلدان والأمصار ليستضيئوا بنور الإسلام ويستنيروا بهديه ، فاختلطت ثقافات أجنبية بالثقافة الإسلامية وظهرت مشاكل فكرية ما كانت لتظهر لو لا هذا الاختلاط وذاك الاتساع.
فانبرى التابعون يذودون عن حياض الإسلام ويحمون بيضته من أن تتسلل إليه أفكار خارجة عن حدوده وأطره الفكرية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والعلمية.
وأحس التابعون أنهم لا يستطيعون الوقوف بوجه التيارات المضادة إلا بمعرفة معاني القرآن والغوص في تفسيره للتوصل إلى فهم مراد الله تعالى ، مدركين بأن في القرآن الكريم جميع الحلول وكل عرى المنظومة الفكرية الإسلامية بما ينظّم كل مجالات الحياة دنيوية أو أخروية ، فأقبلوا عليه موصلين الليل بالنهار تعلما ، ودراسة ، وقراءة ، وحفظا ، وتدبرا ، فكان لهم ما يريدون.
وكان الإمام الباقر (عليهالسلام) من جملتهم ، بيد أن صفة الفقيه ظلت تلازمه ، حتى أن علماء الرجال والتراجم والطبقات عدوّه من فقهاء المدينة المنورة البارزين ، فأردت التحقق من ذلك فبحثت في ثنايا المصادر من كتب حديث وتفسير ففوجئت بأن الإمام مفسر بارز للقرآن الكريم ، ومن الطراز الأول ، من خلال ما عرض أمامي وتجمع لدي من روايات له في التفسير هذا من جهة ، ومن خلال ما تلمست من أثر له في معاصريه وفي من جاء بعده من جهة أخرى.
ومن هذا المنطلق رأيت أن يكون موضوع دراستي هو (الإمام الباقر (عليهالسلام) وأثره في التفسير) لما عرف عنه من دور كبير في علم التفسير والعلوم الأخرى التي خدمت القرآن الكريم ، ولما له من مقام معروف بين