وآياته أم مقتصر على طائفة منها ، ولهم في ذلك ثلاثة آراء سنعرضها بادلتها ونختار ما نراه راجحا من بينها أو من غيرها مع مبررات ذلك الاختيار من جهة والعدول عن باقي الآراء من جهة أخرى.
الرأي الأول :
يقول بعض العلماء : إن النبي (صلىاللهعليهوآله) بيّن لأصحابه معاني القرآن الكريم كما بين لهم الفاظه ، ومفاد هذا القول أن تفسير الرسول (صلىاللهعليهوآله) شامل لسور القرآن وآياته جميعا ، فقد قال ابن تيمية : يجب أن يعلم أن النبي (صلىاللهعليهوآله) بيّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه فقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) يتناول هذا وهذا ـ المعاني والالفاظ ـ (١) ، وقد استدلوا بادلة كثيرة نوجزها بما يلي :
قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٢) ، قالوا : والتبيين هنا يتناول معاني القرآن والفاظه (٣).
روي عن الصحابة أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي (صلىاللهعليهوآله) عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعا (٤).
وقالوا أيضا : إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من الفنون كالطب والحساب ولا يشرحونه ، فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم وبه غايتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم (٥). وغيرها من الأدلة (٦).
الرأي الثاني :
وهو خلاف الأول ، ومؤداه أن النبي (صلىاللهعليهوآله) لم يبيّن لأصحابه إلا القليل من المعاني والألفاظ القرآنية ، ويمثل هذا الرأي بعض العلماء منهم الخوئي ـ على ما حكاه السيوطي ـ والسيوطي أيضا (٧) ، ومن أدلتهم عليه ما يأتي :
__________________
(١) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥ ـ ٣٦+ الجامع لاحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٣٩.
(٢) النحل / ٤٤.
(٣) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.
(٤) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.
(٥) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٠٢.
(٦) ظ : الرسالة ، الشافعي ، ٧٣+ مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٣٥+ رفع الملام ، ابن تيمية ، ٩٤.
(٧) الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ١٩٧.