الكريم (صلىاللهعليهوآله) وتمكنهم من اللغة التي نزل فيها القرآن كل ذلك يستدعي معرفتهم باسباب النزول وملابسات النص واطلاعهم على قرائن الاحوال مما يمكن القول بأنهم ـ مع شغفهم ـ بالقرآن الكريم وتفانيهم من أجل اعلاء كلمة الله كانوا يقتصرون في السؤال على ما يشكل عليهم فهمه من معاني القرآن الكريم.
مناقشة أدلة الرأي الثاني :
مناقشة الدليل الأول :
ويمكن مناقشة هذا الدليل بأن الرواية الواردة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد ضعف الطبري سندها فهي لا يعتد بها (١) ، والرواية نفسها معارضة بطرق صحيحة أخرى ، فقد جاء عن الإمام علي بن أبي طالب قوله : سلوني ، فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب الله والله ما من آية إلا وأنا أعلم ، بليل نزلت أم بنهار ، وفي سهل أم في جبل (٢). ثم بين مصدر علمه فقال : إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا مسئولا (٣). ومقتضى ذلك أن يكون الإمام علي قد سأل الرسول (صلىاللهعليهوآله) عن القرآن بأكثر مما ورد في الرواية المستدل بها.
مناقشة الدليل الثاني :
أما هذا الدليل المتكئ على حكمة التدبر والتفكر فهو لا يلزم منه البيان القليل من النبي (صلىاللهعليهوآله) لأن الأمر محصور بالمشكل والغريب وما لا يفهم من القرآن ، ولو كان القرآن كله على هذا النمط لبينه الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) قطعا ، وليس فيه على أن ما فسره وبينه الرسول (صلىاللهعليهوآله) من التفسير كان قليلا جدا (٤).
مناقشة الدليل الثالث :
أما دليل الدعاء لابن عباس فهو وإن دلّ على أن النبي (صلىاللهعليهوآله) لم يفسر القرآن جميعا إلا أنه لا يدلّ على النبي (صلىاللهعليهوآله) فسّر القليل منه (٥).
__________________
(١) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٣٩.
(٢) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ٢ / ٢٣٨+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٣٥+ الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ٢٣٣.
(٣) الطبقات الكبرى ، ابن سعد ، ، ٢ / ٢٣٢+ حلية الأولياء ، الاصفهاني ، ١ / ٩٥.
(٤) التفسير والمفسرون ، الذهبي ١ / ٥٣.
(٥) المصدر نفسه والصفحة.