النبوية الشريفة مستشهدا بها أو مستنبطا المعاني المنطوية تحت تلك اللمحات المضيئة من السيرة النبوية الشريفة في تفسير جملة من الآيات ، وإليك بعض النماذج :
١ ـ في قوله تعالى : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١) اختلف العلماء في مسألة نسخ هذه الآية ، وقد أفاض الرازي في بيان الخلاف وأسبابه ثم خلص الى تبني قول الإمام الباقر حيث قال : إنه لم يؤمر رسول الله (صلىاللهعليهوآله) بقتال حتى نزل جبرئيل (عليهالسلام) بقوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ...)(٢) وقلده سيفا ، فكان أول قتال قاتل أصحاب عبد الله بن جحش ببطن نخل وبعده غزوة بدر (٣).
٢ ـ روي بسند صحيح عن حمران بن أعين في تفسير قوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)(٤) عن الإمام الباقر قال : أن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) حين صدّ بالحديبية قصر وأحل ونحر ، ثم انصرف منها ولم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك ، فأما المحصور فانما يكون عليه التقصير (٥).
وهناك ما يؤيد هذه الرواية ، فقد ورد عن معاوية بن عمار عن الإمام الصادق قال : المحصور غير المصدود ، وقال (عليهالسلام) : المحصور هو المريض والمصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وإنه ليس من مرض ، والمصدود يحل له النساء والمحصور لا يحل له النساء (٦) ، ونسب ذلك الى المشهور بين الفقهاء (٧).
__________________
(١) البقرة / ١٠٩.
(٢) الحج / ٣٩.
(٣) التفسير الكبير ، الرازي ، ٣ / ٢٦٤.
(٤) البقرة / ١٩٦.
(٥) أصول الكافي ، الكليني ، ٣ / ١٧٩+ التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ١٥٨+ تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ١ / ١٥٣.
(٦) تهذيب الأحكام ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ١٣٢+ أصول الكافي ، الكليني ، ٢ / ١٧١+ مواهب الرحمن ، السبزواري ، ٣ / ١٩٩.
(٧) ظ : مواهب الرحمن ، السبزواري ، ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠.