قال : سألت أبا جعفر عن هذه الآية فقال : هي منسوخة نسختها الآية : (... يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(١) ، ونسختها آية الميراث (٢).
وهو مما اتفق عليه العلماء ، ويعضد هذه الرواية قول الإمام الصادق : كان الرجل إذا مات أنفق على امرأته من صلب المال حولا ، ثم أخرجت بلا ميراث ، ثم نسختها آية الربع والثمن فالمرأة ينفق عليها من نصيبها (٣).
وقد نسب الطبرسي الرواية الأولى للإمام الصادق أيضا (٤) ، وهذا مخالف لما أجمع عليه علماء الإمامية من أنها رواية أبي بصير عن الإمام الباقر كما تقدم.
رابعا : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٥) ، اختلفت أقوال العلماء في قوله تعالى : (حَقَّ تُقاتِهِ) على عدة وجوه منها :
١ ـ عن ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتادة أن معناه : أن يطاع ولا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى.
٢ ـ عن مجاهد : أنه المجاهدة في الله تعالى وأن لا تأخذه فيه لومة لائم ، وأن يقام له بالقسط في الخوف والأمن.
٣ ـ عن أبي علي الجبائي : أنه اتقاء جميع معاصيه (٦).
٤ ـ أما الإمام الباقر فإنه قال : إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(٧)(٨).
المراد من المنسوخ هنا المرتبة الأخيرة في علم الأخلاق والتي تسمى بتقى أخص الخواص وهي لا يستطيع الوصول إليها غير الأنبياء ومن بمنزلتهم.
__________________
(١) البقرة / ٢٣٤.
(٢) تفسير القرآن ، القمي ، ١ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦+ تفسير العياشي ، ١ / ١٢٢+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٢٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨.
(٣) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٢ / ٣٤٥.
(٤) ظ : المصدر نفسه والصفحة.
(٥) آل عمران / ١٠٢.
(٦) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٢ / ٤٨٢.
(٧) التغابن / ١٦.
(٨) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٢ / ٤٨٢.