فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) قال : منسوخة ، والسبيل هو الحدود (١).
الثانية : عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر في حديث طويل قال فيه : وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء ، وتصديق ذلك أن الله (عزوجل) أنزل في سورة النساء (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) والسبيل هو الذي قال الله (عزوجل) : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢)(٣).
وقال بعض المفسرين : أن هذا الحكم غير منسوخ لأن الحبس لم يكن مؤبدا بل كان مستندا إلى غاية فلا يكون بيان الغاية ناسخا له (٤) ، وهذا مردود لأن النسخ ما هو إلا رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر لارتفاع أمد الأول وزمانه ، وكان بهذا تفسير الإمام الباقر مطابقا لما جاء عن ابن عباس ومجاهد ومن تابعهما.
سادسا : في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٥) ، فقد سئل الإمام الباقر عن هذه الآية فقال : قدم علي بن أبي طالب بين يدي نجواه صدقة ، ثم نسخها قوله تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٦)(٧).
__________________
(١) تفسير العياشي ، ١ / ٢٢٧+ تفسير القرآن ، القمي ، ١ / ٣٥٣+ مقتنيات الدرر ، الحائري ، ٣ / ٦٢.
(٢) النور / ١ ـ ٢.
(٣) الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ٢ / ١٥٢+ تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ١ / ٣٧٨.
(٤) ظ : مجمع البيان ، الطبرسي ، ٤ / ٢١.
(٥) المجادلة / ١٢.
(٦) المجادلة / ١٣.
(٧) تفسير نور الثقلين ، العروسي الحويزي ، ٢ / ٦٧٦.