قبل أن نستعرض ما أثر عن الإمام الباقر في أسباب النزول ، نود أن نسجل مشاركته في إبداء رأي في تاريخ النزول ، فقد روى عبد الله بن كيسان عن الإمام الباقر أنه قال : نزل جبرائيل (عليهالسلام) على محمد (صلىاللهعليهوآله) فقال : يا محمد اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق ، وقال : أول ما نزل من القرآن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) والعلق أول سورة نزلت (١).
وبعد أن تقصينا أسباب النزول التي ذكرها الإمام الباقر في كتب التفسير كانت تربو على (١٥٦) سببا ، نذكر منها نماذج مع تصحيحه لبعضها :
١ ـ في سبب نزول قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٢). قال الإمام الباقر : كان قوم من اليهود ليسوا من المعاندين المتواطئين ، إذا لقوا المسلمين حدثوهم بما في التوراة من صفة النبي محمد (صلىاللهعليهوآله) فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا : لا تخبروهم بما في التوراة من صفة محمد فيحاجوكم به ، فنزلت الآية (٣).
٢ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر قال : أما قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)(٤) فانه نزل في علي بن أبي طالب حين بذل نفسه لله ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول الله (صلىاللهعليهوآله) لما طلبته كفار قريش (٥).
__________________
(١) تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٤٣٠+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ٢ / ٨٣٣. وقارن بأسباب النزول ، الواحدي ، ١٢.
(٢) البقرة / ٧٦.
(٣) مجمع البيان ، الطبرسي ، ١ / ١٤٢+ مقتنيات الدرر ، الحائري ، ١ / ٢٠٨. وقارن بالتبيان ، الشيخ الطوسي. ١ / ٣١٥ أورد الرواية عن السدي قريبة مما رويناه وقال : ومثله ما روي عن أبي جعفر (عليهالسلام). وقارن بتفسير ابن كثير ، ١ / ١١٦ أورد رواية مشابهة لما أوردناه عن الحسن البصري ، وقارن كذلك بما ورد في لباب النقول ، السيوطي ، ٢٠.
(٤) البقرة / ٢٠٧.
(٥) تفسير العياشي ، ١ / ١٠١+ تفسير القرآن ، القمي ، ١ / ٢٠٨+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٧ / ١٢٣.