ثم أن الأخبار الصحيحة الواردة في أن عليا وفاطمة والحسن والحسين هم آل النبي (صلىاللهعليهوآله) كثيرة جدا ذكرت في مواضع شتى في باب نزول آية التطهير (١).
١٩ ـ أخرج السيوطي بسنده عن جعفر بن محمد رضي الله عنه في سبب نزول سورة الكوثر عن أبيه الإمام الباقر قال : توفي القاسم بن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) بمكة فمر رسول الله وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو فقال حين رأى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أني لاشنؤه ، فقال العاص بن وائل لا جرم لقد أصبح أبتر ، فأنزل الله (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٢)(٣).
وبهذا المثال نختتم هذا المبحث لاعتقادنا أننا قد بينا جهد الإمام الباقر وإسهامه في بيان أسباب النزول وتوجيهه لبعض منها ، ويمكننا أن نصل إلى نتائج نراها مهمة في توضيح ذلك الجهد ، وهي :
أ ـ قد تبين لنا خلال البحث والاستقصاء أنه قلما توجد آية قرآنية فيها سبب نزول ولم يذكره الإمام الباقر ، حتى أنه ذكر أسبابا لنزول بعض الآيات فات العلماء أن يذكروها.
ب ـ وتبين أيضا من خلال الأمثلة التي قدمناها ، أنه قد روى عن جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم ، وعن غيرهم من الصحابة.
ج ـ أن كثيرا من التابعين قد أخذوا عنه بعض أسباب النزول.
د ـ أنه وافق كثيرا من الأقوال التي أثرت عن بعض الصحابة والتابعين ، فلم تكن الأسباب التي ذكرها الإمام الباقر بخارجة عن نطاق ما يعرفه العلماء ، أي أنه لم يكن له رأي اجتهادي أو عقلي فيها.
__________________
(١) ظ : مستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري ، ٣ / ١٤٧+ المسند ، الإمام أحمد بن حنبل ، ٦ / ٢٩٦+ ذخائر العقبى ، محب الدين الطبري ، ٢١+ جامع البيان ، الطبري ، ٢٢ / ٦ ـ ٧ حيث أورد هذا السبب عن أربعة عشر طريقا عن الصحابة+ أحكام القرآن ، ابن العربي ، ٣ / ١٣٥٨+ أسباب النزول ، الواحدي ، ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، وغيرها كثير فراجع.
(٢) الكوثر / ٣.
(٣) الدر المنثور ، السيوطي ، ٦ / ٤٠٤+ أسرار التنزيل ، البيضاوي ، ٤٦٧. وأورده الطبرسي في تفسيره ١٠ / ٥٥٠ عن مجاهد ، وانظر : أسباب النزول ، الواحدي ٣٤١+ لباب النقول ، السيوطي ، ٢٣٥.