السموات والأرض وخالقكم وهو واحد لا شريك له وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق ولا يستغنون عنه وهو الغني عنهم (١).
وكذلك بالنسبة لابن جزي فإنه بعد أن عرض أقوال العلماء في (أحد) اختار القول بأن معناه الواحد ، الفرد ، وبالنسبة للصمد أيضا فإنه رجح القول بأنه : السيد المطاع المفتقر إليه الخلق (٢).
أما ابن الجوزي فقد ذكر ثلاثة أقوال في سبب نزول سورة الاخلاص الأول عن أبي بن كعب (٣) والثاني عن ابن عباس (٤) والثالث عن قتادة والضحاك (٥) وفي كل واحد منها سؤال يوجه إلى النبي (صلىاللهعليهوآله) في وصف الله سبحانه وتعالى ، وأما في تفسير الآيات فإنه ينقل قول الخطابي ـ وهو قريب من قول الإمام الباقر ـ في معنى (أحد) ويتبناه فيقول : الأحد هو المنفرد بالذات فلا يضاهيه أحد ، ثم يستعرض أقوال العلماء في (الصمد) ويقسمها إلى أربعة أقوال :
١ ـ أنه السيد المطاع الذي يصمد إليه في الحوائج ، قاله ابن عباس.
٢ ـ أنه الذي لا جوف له ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وابن جبير والضحاك وقتادة والسدي.
٣ ـ أنه الدائم.
٤ ـ الباقي بعد فناء الخلق ، حكاه أبو سليمان الخطابي. وقد اختار هو القول الأول (٦). ومن خلال هذا العرض يتضح أنه قد أخذ بقول الإمام الباقر المروي عنه في الصافي المأخوذ عن ابن عباس.
ومال القرطبي إلى أحد قولي الإمام الباقر في معنى (الصَّمَدُ) بعد أن فسّر (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) بقوله : أي الواحد ، الوتر الذي لا شبيه له ولا نظير ، ولا صاحبة ، ولا ولد ، ولا شريك (٧) وبعد أن عرض باقي الأقوال قال : قال أهل
__________________
(١) مدارك التنزيل ، النسفي ، ٤ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
(٢) التسهيل لعلوم التنزيل ، ابن جزي ، ٤ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٣) ظ : المسند ، الإمام أحمد بن حنبل ، ٥ / ١٣٣+ سنن الترمذي ، ٢ / ١٧٢+ جامع البيان ، ٣٠ / ٣٤٢.
(٤) ظ : تفسير البغوي والخازن.
(٥) ظ : جامع البيان ، الطبري ، ٣٠ / ٣٤٣+ الدر المنثور ، السيوطي ، ٦ / ٤١٠.
(٦) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٩ / ٢٦٤ ـ ٢٦٨.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٢٠ / ٢٤٤.