يشعر هذا القول من القرطبي بأنه مع الاتجاه القائل بأن هذا الشرك هو شرك طاعة لا شرك عبادة في قوله الأخير بأنه يقع فيه كثير من عوام المسلمين ، بالرغم من ايراده لبقية الأقوال.
ويذهب الشوكاني إلى : أن الآية مختصة بالمشركين من العرب والنصارى (١) ، وبعد أن استعرض أبو الثناء الآلوسي جميع الأقوال في الآية الكريمة ذهب إلى القول : أنهم من يندرج فيهم كل من أقر بالله تعالى وخالقيته وكان مرتكبا ما يعد شركا كيفما كان (٢).
وبهذا يكون قول الألوسي أيضا مندرجا تحت قول الإمام الباقر من أنه عنى بالآية عامة شرك الطاعة وليس شرك عبادة.
وبهذا يتبين لنا أن الإمام أسهم إسهاما فعالا في معرفة وفهم الآية ، تأصيلا لقاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، إذا ما قال بعض المفسرين أنها نزلت في كذا ، باعتبار أن الخطاب القرآني شامل إلى يوم الدين وقد أخذ عن الإمام هذا المعنى جملة من كبار المفسرين كما اتضح في أعلاه.
خامسا : في تفسير قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ)(٣) ، روى الطبرسي عن الإمام الباقر قال : قال في تفسير هاتين الآيتين : الله المعبود الذي له الخلق وممن عجز عن إدراك ماهيته والاحاطة بكيفيته ، والأحد : الفرد المتفرد ، والصمد : الدائم الذي لم يزل ولا يزال (٤). ونقل الفيض الكاشاني عنه أنه قال في (الصَّمَدُ) : هو السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر ولا ناه (٥).
واحتج النسفي لابطال وجود الهين لتدبير هذا العالم بالبرهان العقلي القاطع ، وأكد مسألة واجب الوجود ، بعد أن قرر أن معنى الأحد : أي الواحد ، والواحد هو المتفرد ، بعد أن أبطل جميع الاحتمالات ، وقال : معنى الصمد هو السيد المصمود إليه في الحوائج ، والمعنى : هو الله الذي تعرفون وتقرون بأنه خالق
__________________
(١) فتح القدير ، الشوكاني ، ٣ / ٥٥ ـ ٥٦.
(٢) روح المعاني ، الآلوسي ، ٣ / ٦٦ ـ ٦٧.
(٣) الاخلاص / ١ ـ ٢.
(٤) مجمع البيان ، الطبرسي ، / ١٠ / ١٢٢.
(٥) الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ٢ / ٩٠٦.