ولم يشركوا بالله شرك عبادة فيعبدون معه غيره ، ونقل مضمون الرواية أعلاه عن الإمام الباقر (١).
ونقل الزمخشري أقوال المفسرين فقال : عن الحسن : هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هم الذين يشبهون الله بخلقه ، ومال هو إلى القول : أن أحدا لا يؤمن في اقراره بالله وأنه خلق السموات والأرض (٢).
وقال صاحب زاد المسير : أن في الآية ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم المشركون لأنهم يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم وهم يشركون به ، وهو أحد قولي ابن عباس ومجاهد وعكرمة والشعبي وقتادة أو أنها نزلت في تلبية مشركي العرب قبل الإسلام وهذا القول في أنها تعني المشركين ـ وهو ما رجحه على بقية الأقوال ـ والثاني : أنهم النصارى ، والثالث : أنهم المنافقون. واحتج إلى ما ذهب إليه بقوله أنه ليس المراد به حقيقة الإيمان وإنما المعنى : إن أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون (٣).
ومال ابن كثير إلى قول الإمام الباقر بعد استعراض أقوال غيره من أن هذا الشرك شرك طاعة وليس بشرك عبادة في قوله : وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله ، وساق أحاديث وروايات كثيرة للاستدلال على ما ذهب إليه (٤).
وقد استعرض القرطبي جميع الأقوال في هذه الآية وبعد أن قال : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) أي باللسان إلا وهو كافر بقلبه عن الحسن ، وقال عطاء : هذا في الدعاء وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء ، فإذا أصابهم بلاء أخلصوا في الدعاء ، وقيل : معناها أنهم يدعون الله أن ينجيهم من الهلكة فإذا أنجاهم قال قائلهم : لو لا فلان ما نجونا ، فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان ... قلت : قد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٥).
__________________
(١) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٥ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨.
(٢) الكشاف ، الزمخشري ، ٢ / ٥٠٨.
(٣) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٤ / ٢٩٤.
(٤) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٤ / ٥٥ ـ ٥٦.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٩ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣.