قال ابن الحوزي فيه قولان : الأول : إلا ما أريد به وجهه ، عطاء عن ابن عباس وبه قال الثوري.
والثاني : إلا هو ، قاله الضحاك وأبو عبيدة (١). ولم يرجح أحد القولين.
وقال الزمخشري : (إِلَّا وَجْهَهُ) إلا إياه ، والوجه يعبر به عن الذات (٢) ، وكذلك النسفي نص على هذا التفسير وزاد : قال مجاهد : يعني علم العلماء إذا أريد به وجه الله (٣).
وقال ابن كثير : اخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم ، الذي تموت الخلائق ولا يموت ، فعبر بالوجه عن الذات وهكذا قوله هاهنا (الآية) أي إلا إياه ، وقال مجاهد والثوري : أي : إلا ما أريد به وجهه ، وقد وفق بين القولين توفيقا رائعا بقوله : وهذا القول لا ينافي القول الأول فإن هذا اخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة (٤).
واستعرض القرطبي أقوال العلماء بدون أن يرجح واحدا منها ، قال : قال مجاهد : إلا هو ، وقال الصادق : دينه ، وقال أبو العالية وسفيان : أي : إلا ما أريد به وجهه أي ما يقصد إليه بالقربة ، وعن الثوري : إلا جاهه (٥).
وذهب البيضاوي إلى القول : إلا ذاته فإنما عداه ممكن هالك في حد ذاته معدود (٦) ، وهو بهذا يميل إلى ترجيح قول من قال إلا هو.
ويذهب الآلوسي إلى هذا المعنى أيضا أي أن وجهه ذاته المقدسة تبارك وتعالى ويستدل على ما ذهب إليه بالبراهين العقلية الدالة على ما يريد أن يوجه الآية إليه (٧).
ويتبين من خلال استعراض هذه النصوص في معنى (الوجه) قد انقسمت إلى قولين ، الأول : هو ذاته سبحانه وتعالى ، والثاني : هو دينه بالتصريح في
__________________
(١) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٦ / ٢٥٢.
(٢) الكشاف ، الزمخشري ، ٣ / ٤٣٧.
(٣) مدارك التنزيل ، النسفي ، ٣ / ٢٤٩.
(٤) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٥ / ٣٠٦.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١٣ / ٣٢٢.
(٦) أنوار التنزيل ، البيضاوي ، ٤ / ١٣.
(٧) روح المعاني ، الألوسي ، ٢٠ / ١٣١ ـ ١٣٢.