اللفظ كما ورد عن الباقر والصادق أو بقولهم : إلا ما أريد به وجهه من عمل صالح ـ وما هذا إلا من الدين ـ ولم يشذ واحد منهم عن هذا التفسير تنزيها له سبحانه وتعالى عن الجسمية التي أصبحت بعد عصر الإمام الباقر من أبرز المشاكل الفكرية التي ساهمت في إذكاء حدة الصراع بين الفرق الإسلامية القائلة بها والنافية لها.
وقد أشرنا من قبل أن التوحيد كان رائد المسلمين في أول الأمر ثم ما لبثوا أن افترقوا فريقين ، الأول : شبه الباري تبارك وتعالى ومال إلى التجسيم وهم الكرامية (١). والثاني : نزهه تعالى عن الجسمية وهم الأشعرية (٢) ، والإمامية (٣) ، والزيدية (٤) ، والمعتزلة (٥).
ثامنا : وفي نفي مشابهة الحوادث ، ورد في تفسيره لقوله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى)(٦) في حوار مع جابر بن يزيد الجعفي حيث قال له الإمام الباقر : يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله يزعمون أن الله تبارك وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس ، ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجر فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذه مصلى ، يا جابر أن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه ، تعالى عن صفة الواصفين ، وجل عن أوهام المتوهمين ، واحتجب عن عين الناظرين لا يزول مع الزائلين ولا يأفل مع الآفلين (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٧)(٨). يستفاد من هذه الرواية ، أن مقدمات شبهات المجسمين كانت منتشرة في زمن الإمام الباقر وتشير إلى أن مراكز تركز مذهب التجسيم كان في الشام وأنها تستند
__________________
(١) مناهج الأدلة ، ابن رشد ، ١٧١+ احقاق الحق ، العلامة الحلي ، ١ / ٤٣.
(٢) ظ : الانصاف ، الباقلاني ، ١٨٨+ التمهيد ، الباقلاني ، ١٩١+ اللمع ، الأشعري ، ٢٣ ـ ٢٤.
(٣) ظ : الاقتصاد ، الشيخ الطوسي ، ٧٤+ التوحيد ، الصدوق ، ٨١.
(٤) ظ : الحور العين ، الحميري ، ١٤٧.
(٥) ظ : الانتصار ، الخياط ، ١٥ ـ ٨٠+ شرح الأصول الخمسة ، القاضي عبد الجبار ، ٢١٦.
(٦) البقرة / ١٢٥.
(٧) الشورى / ١١.
(٨) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٥٩+ تفسير القرآن ، القمي ، ١ / ١٥٥.