دليلهم : ما روي عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أنه قال : استصرخني الحق وقد حواه الباطل في جوفه فبقرت عن خاصرته واطلعت الحق من جنبه حتى ظهر وانتشر بعد ما خفي واستتر (١).
القول الراجح : إن الراجح في سبب تلقيب الإمام محمد بن علي بن الحسين بالباقر هو القول الأول ، أي إنه بقر العلم فعرف أصله واستنبط فرعه حتى غدا قرينا له ، لا يذكر في مناسبة أو مكان إلا ذكر معه وما رجحناه إلا لوجود أدلة كثيرة أوجبت ترجيحه والتسليم به منها :
١ ـ لقول أغلب العلماء في ترجيح هذا القول حتى أنه هناك شبه إجماع بينهم.
٢ ـ الروايات الصحيحة الواردة عن الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) بما رواه الثقاة ـ ولو عن طريق الإمامية فقط ـ عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) وجعفر بن محمد الصادق ، وإن اختلفت ألفاظ تلك الروايات باختلاف المناسبات إلا أنها اتفقت على أن النبي (صلىاللهعليهوآله) وهو الذي أطلق عليه هذا اللقب قائلا : سيبقر العلم بقرا.
٣ ـ من المعروف في التاريخ العربي الإسلامي أن كثيرا من الصحابة والتابعين قد انقطعوا لعبادة الله تبارك وتعالى وانشغلوا بالصلاة دون سواها حتى وصل الأمر ببعضهم أن يصلي أكثر من ثلاثمائة ركعة في اليوم والليلة ولم يذكر أن أحدا منهم قد شق السجود جبهته ووسعها ، هذا إذا ما علمنا أن صلاة الإمام الباقر (عليهالسلام) بنوافلها وتطوعها لم تصل إلى أكثر من مائة وخمسين ركعة في اليوم والليلة هذا من جهة ، وإن واصفيه لم يذكروا عنه أنه كان هناك شق ظاهر في جبهته ولو كان شيئا موجودا من هذا القبيل ما أغفلوه من جهة أخرى.
٤ ـ أما بالنسبة لبقره خاصرة الباطل الذي حوى الحق واستخراجه منه ، فإن هذه الرواية قد نسبها سبط ابن الجوزي إلى القيل ، وإذا سلمنا بصحة نسبتها إلى الإمام الباقر (عليهالسلام) لا نسلم بأن المسلمين إذا رأوا من هو شديد في الحق حريص
__________________
(١) مخطوطة مرآة الزمان ، سبط ابن الجوزي ، ج ٥ / الورقة ٧٨+ تذكرة الخواص ، ابن الجوزي ، ١٩٠.