روايات تفسيرية فقط عن الإمام الباقر في صدد مبحث الشفاعة تناول بعضها إثباتها لرسول الله (صلىاللهعليهوآله) ولغيره من الشفعاء ومن شروط تحققها ، وإليك تلك الروايات :
أولا : في تفسير قوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ)(١) ، عن أبي عباس المكي عن أبي جعفر الباقر قال : أنه ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يوم القيامة ، وللرسول الشفاعة لأمته ولنا الشفاعة (٢).
قال ابن الجوزي في تفسير هذه الآية : لا تنفع شفاعة ملك ولا نبي حتى يؤذن لهم في الشفاعة (٣) ، وقال القرطبي أي شفاعة الملائكة وغيرهم (٤).
وقال النسفي : أي : إذن الله له يعني : إلا من وقع الأذن للشفيع لأجله (٥) ، ومال ابن كثير إلى القول : أنه لا يجترئ أحد أن يشفع عنه تعالى في شيء إلا بعد إذنه له في الشفاعة واستدل بما ذكرنا من آيات وبما ثبت من حديث رسول الله (صلىاللهعليهوآله) (٦) ، وذهب إلى هذا القول أيضا الآلوسي في تفسيره (٧).
يتبين من خلال هذا العرض لأقوال العلماء في تفسير هذه الآية ـ بما فيهم قول الإمام الباقر ـ أنهم قد انقسموا إلى قسمين كان أكثرهم مع قول الإمام أن هذه الآية بصدد تبيين الشافع ، وأنه لا يستطيع أحد من الأنبياء أو غيرهم أن يكون شافعا إلا بإذنه هذا من جهة وأن الإمام الباقر أثبت في تفسيره لهذا النص القرآني شفاعة النبي وشفاعة آل البيت من جهة أخرى ، وقد انفرد الإمام هنا بإثباتها لآل البيت.
__________________
(١) سبأ / ٢٣.
(٢) تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٢٠٢+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ٢ / ٣٨٠+ مقتنيات الدرر ، الحائري ، ٩ / ٢٠.
(٣) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٦ / ٤٥١.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١٤ / ٢٩٦٥.
(٥) مدارك التنزيل ، النسفي ، ٣ / ٣٢٤.
(٦) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٥ / ٥٤٩.
(٧) روح المعاني ، الآلوسي ، ٢٢ / ١٣٦ ـ ١٣٧.