ثانيا : في تفسير قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(١) ، روى القمي والعياشي بأسانيد صحيحة عن الإمام الباقر أنه قال : المقام المحمود هو الشفاعة (٢).
أورد ابن الجوزي قولين في تفسير هذه الآية. أحدهما : الشفاعة للناس يوم القيامة. قاله ابن مسعود ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عمر ، وسلمان الفارسي ، وجابر بن عبد الله ، والحسن. الثاني : يجلسه على العرش يوم القيامة ، رواه الضحاك عن ابن عباس وليث عن مجاهد (٣).
وأيد القرطبي القول الأول واستدل عليه بما أخرجه البخاري عن ابن عمر ومسلم عن أنس والترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) من أن المقام المحمود هو الشفاعة (٤).
ونقل ابن كثير قول الطبري وأيده بقوله : قال أكثر أهل التأويل : ذلك هو المقام الذي يقومه رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يوم القيامة للشفاعة للناس (٥) ، وأخرج جملة من الأحاديث المروية بطرق مختلفة عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) (٦) ، تقدم ذكر أكثرها في أول هذا المبحث.
وبهذا يكون الإمام الباقر في تفسيره للمقام المحمود بأنه الشفاعة واحدا من جملة جمهور الصحابة والتابعين الذين فسروا الآية بهذا المعنى ، ويكون أيضا أنه إذا وجد حديثا مرويا عن جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) في تفسير آية أو معنى قرآني لا يتعدى إلى غيره تأكيدا منه على الرجوع إليهما في تفسير القرآن الكريم.
ثالثا : ونقل الطبرسي في تفسير قوله تعالى : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ)(٧) قول
__________________
(١) الإسراء / ٧٩.
(٢) تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٤٤٤+ تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ٣١٤.
(٣) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٥ / ٧٦.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١٠ / ٣٠٩.
(٥) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ٤ / ٢٣٥.
(٦) المصدر نفسه ، ٤ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩.
(٧) الشعراء / ١٠٠.