إن علاج هذين الموقفين في الرؤى المعاصرة يكمن في نظرة موضوعية علمية تنزع إلى التوفيق وتبتعد عن التفريق وتشد على المتفق عليه وتسوغ المختلف فيه لأن للإسلام عظمة لا يتناسب معها أن يفهم فهما واحدا ، إذن فلتتسع الصدور إلى الاتجاهات المتعددة ضمن نطاق المشروعية العامة وليكن أن الدراسة الموضوعية ستكشف الكثير من نقاط التوافق وستجلي الدوافع عما أدخل بوصفه نقاط افتراق.
إن هذا الموقف يجعل الباحث متحفظا على ما ذهب إليه بعض المعاصرين في قوله : إن طابع التشيع غلب على رواية الحديث عن الإمام الباقر ، لأن عصره عصر اكتمال التشيع من جهة اكتمال عقائده (١).
وهذا غير صحيح ، لما وجدنا في أكثر الروايات المنقولة عن الإمام الباقر في هذا الفصل أنها لم تخرج عن الاطار العام للمفهوم الشمولي للإسلام وعقائده ، سوى بعض الروايات في مبحث الإمامة والتي أشرنا في نهايته إلى مبرراته في ما رواه الإمام بشأنها ، وما عدا ذلك فهو يتوافق في تفسيره للآيات محل البحث مع باقي المفسرين من صحابة وتابعين وعلماء.
* * *
__________________
(١) نظرية الإمامة عند الاثني عشرية ، د. محمود صبحي ، ٩٢.