تعد التربية الإسلامية مجموعة مترابطة من المفاهيم والقيم المتفاعلة ، الأساس فيها التصور الكوني الذي عرضه القرآن الكريم فالإنسان مخلوق على الفطرة ويؤمن بأن الله سبحانه وتعالى يراه ويسمعه في كل آن ، وأن مسئوليته على نواياه وأفعاله مسئولية كاملة يلزم بها المعاد ، وقد نقل عن الإمام أبي جعفر الباقر في هذا الصدد عنه تفسيره لقوله تعالى (... وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ...)(١) فعن فضيل بن يسار عنه قال : يا فضيل بلغ من لقيت من موالينا عنا السلام وقل لهم إني أقول : إني لا أغني عنكم من الله شيئا إلا بورع فاحفظوا ألسنتكم وكفوا أيديكم ، وعليكم بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين (٢).
وفي حالات استعصاء تحصيل مراد الإنسان يستريح ضمير الفرد المسلم تحت مفهوم التوكل على الله والتضامن مع إخوانه المسلمين والصبر على الشدائد ، ويعد أيضا مفهوم التوبة المسلك الذي يجذب دائما إلى الفضيلة.
إن علماء المسلمين بجهودهم المعرفة بأركان الإسلام حبوا الإنسان المسلم ثروة تربوية ضخمة جدا من مدرسة الصحابة والتابعين وأئمة أهل البيت إلى الفقهاء النابغين والأولياء الصالحين والدعاة المربين الذين ساروا بإحسان على مناهج الأولين.
وكان الإمام الباقر الذي عاش شطرا من حياته موجها للأمة وتربويا عظيما لمن يأخذ عنه فهو في سلوكه قدوة وفي تصرفاته منار ، فلم يثبت في التاريخ أنه تعرض لنقد من قبل علماء الأمة ، ولم يتحدث أحد عنه باقتراف كبيرة أو صغيرة (٣).
وعلى الرغم من طبيعة عصر الإمام الباقر وانشغال الدولة آنذاك بالفتن وانقسام الناس إلى فئات وعلى الرغم من حركة العمران والاختلاط فقد كان على الرغم من
__________________
(١) البقرة / ٤٥.
(٢) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٦٨+ تفسير نور الثقلين ، الحويزي ، ١ / ١١٩.
(٣) تاريخ المذاهب الإسلامية ، محمد أبو زهرة ، ٢ / ٥١١.