وكرم الأخلاق ، قال الإمام الباقر (عليهالسلام) : من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس (١).
وقال أيضا في وصاياه الأخلاقية : إياك أن يطمح بصرك إلى من هو فوقك ، فكفى بما قال الله تبارك وتعالى لنبيه (صلىاللهعليهوآله) : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ)(٢).
وقال تعالى (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٣).
فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيش رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ، فإنما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده (٤).
وللقناعة أهمية كبرى وأثر بالغ في حياة الإنسان وتحقيق سعادته النفسية والجسمية ، فهي تحرره من عبودية المال ، واسترقاق الحرص ، والطمع ، وعنائهما المرهق ، وترسخ فيه روح العزة والكرامة ، والعفة والقناعة ، وهي بعد كل هذا تمد صاحبها بيقظة روحية ، وبصيرة نافذة ، وتحفزه على التأهب للآخرة بالأعمال الصالحة وتوفير بواعث السعادة فيه.
وقد ورد في تفسير قوله تعالى : (... وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ ..)(٥). عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) أنه قال : ليس من نفس إلا وقد فرض الله لها رزقا حلالا يأتيها في عافية وعرض لها بالحرام من وجه آخر ، فإن هي تناولت من الحرام شيئا قاصها به من الحلال الذي فرض الله لها ، وعند الله سواهما فضل كثير (٦).
قال القرطبي في تفسير هذه الآية : وهذا يدل على أن الأمر بالسؤال لله تعالى واجب (٧) ، ونقل قول سعيد بن جبير ومجاهد والسدي في الفضل قالوا :
__________________
(١) الوافي ، الفيض الكاشاني ، ٣ / ٧٩+ كشكول البهائي ، ٣٧١.
(٢) التوبة / ٥٥.
(٣) الحجر / ٨٨.
(٤) الوافي ، الفيض الكاشاني ، ٣ / ٨٧+ سفينة البحار ، عباس القمي ، ١ / ٤٢٦.
(٥) النساء / ٣٢.
(٦) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٢٣٩+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٣ / ٤١.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ١٦٤.