العبادة والطاعة ليسا من أمر الدنيا (١) ، وقيل : سلوه التوفيق للعمل بما يرضيه (٢) ، وقال ابن السائب : الرزق (٣).
يتضح مما تقدم من عرض لأقوال العلماء في تفسير الفضل أن ابن السائب قد أخذ معناه من الإمام الباقر لأنه فسره بالرزق والقناعة فيه من خلال الرواية المتقدمة.
وهو ما نميل إليه ونرجحه لقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) في تفسير هذه الآية حيث قالت : سلوا ربكم حتى الشبع ، فإنه إن لم ييسره الله (عزوجل) لم يتيسر (٤). حيث إن عبارتها تشعر بأن الفضل هو الرزق ووفق الإمام الباقر في التحذير من طلب الرزق إلا عن طريق الحلال باعتبار أن الرزق الحلال مقدر لكل إنسان من قبل الله سبحانه وتعالى فيجب على العبد أن يقنع بما رزقه الله وأن لا يمد نظره لما في أيدي الناس لأن هذا سيولد التباغض والتحاسد ، فرغب الإمام هنا بجانب أخلاقي مهم وهو القناعة ، وحث عليه لما فيه من المنفعة الكبيرة للفرد والمجتمع.
سادسا : في الرياء : وهو النفاق وأقسامه
الرياء : هو طلب الجاه والرفعة في نفوس الناس ، بمراءاة أعمال الخير وهو من أسوأ الخصال وأفظع الجرائم (٥) وقد تعاضدت الآيات والأخبار على ذمه والتحذير منه ، فقد قال تعالى في وصف المنافقين (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً)(٦) وقال تعالى (كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ)(٧) ، ويمكن أن نلخص أقسامه بما يلي :
__________________
(١) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٢ / ٧٠+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ١٦٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ١٦٥+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير : ٢ / ٢٧١.
(٣) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٢ / ٧٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ١٦٥.
(٥) الأخلاق ، عبد الله شبر ، ١٥٧ ـ ١٥٨+ جامع السعادات ، النراقي ، ٢ / ٣٧٠ ـ ٣٧١+ أخلاق أهل البيت ، مهدي الصدر ، ١٦٤.
(٦) النساء / ١٤٢.
(٧) البقرة / ٢٦٤.