قال ابن عباس في سبب نزولها : هم قوم طعمة ، وقال مقاتل وكلهم يهود تناجوا في أمر طعمة ، وقال مجاهد هو عام في نجوى جميع الناس (١).
وجاء في زاد المسير وغيره في معنى النجوى : ما تنفرد به الجماعة أو الاثنان سرا كان أو ظاهرا (٢).
وقال سيد قطب : لقد تكرر في القرآن النهي عن النجوى ، وهي أن تجتمع طائفة بعيدا عن الجماعة الإسلامية ، لتبيت أمرا ... وكان اتجاه التربية الإسلامية واتجاه التنظيم الإسلامي كذلك أن يأتي كل أناس بمشكلته أو بموضوعه ، فيعرضه على النبي (صلىاللهعليهوآله) مسارة إن كان أمرا شخصيا لا يريد أن يشيع عنه شيء بين الناس ، أو مساءلة علنية أن كان من الموضوعات ذات الصبغة العامة (٣).
يقول الشيخ محمود شلتوت : أن هذه الآية تقرر أن اكثر ما يتناجى به الناس فيما يتصل بغيرهم شر لا خير فيه ، ذلك بأنّ النفوس مجبولة على محبة إظهار الخير والتحدث به في الملأ والعلانية ومجبولة على إخفاء الشر وكتمانه ، وقلما يكتم الناس حديثا يتعلق بغيرهم ويكون خيرا كله ، وقلما يذيعون حديثا يتعلق بغيرهم ويكون شرا كله ... (٤).
وأخيرا عند عرضنا لآراء المفسرين في تفسير الآية تبين أن الإمام الباقر لم يشذ تفسيره عن تفاسيرهم فقد أراد أن يلفت الناس إلى بعض عناصر هذا النوع من النجوى وهو القيل والقال وفساد المال ـ أي صرفه في غير موضعه ـ وكثرة السؤال التي تؤدي إلى الخصومة والتنافر بنفي الخير عنها ليعرفوا لما لهذه العناصر من أثار سيئة ، ويحذروا من عواقبها الوخيمة ليتسنى للمجتمع أن يرقى إلى مصاف الفضيلة وتقديم الجانب الأخلاقي وصقله عند الفرد المسلم.
__________________
(١) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٢ / ١٩٨+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٥ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.
(٢) زاد المسير ، ابن الجوزي ، ٢ / ١٩٨.
(٣) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، ٢ / ٢٢٦.
(٤) تفسير القرآن الكريم ، الأجزاء العشرة الأولى ، الشيخ محمود شلتوت ، ٢٢٧ ـ ٢٢٨.