وفي رواية أخرى للإمام أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) ، رواها زرارة وحمران ابنا أعين عنه أنه قال : لو أن عبدا عمل عملا يطلب به رحمة الله والدار الآخرة ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا (١).
فهكذا نرى أن الإمام الباقر (عليهالسلام) يوجه أنظار المسلمين إلى ابتغاء مرضاة الله تبارك تعالى في جميع عباداتهم ومعاملاتهم باعتبار أن أي عمل عبادي يدخله شيء من العجب والمراءاة عدّ ذلك العمل نفاقا استوجب صاحبه أن يسمى مشركا ، فنبه الإمام الباقر (عليهالسلام) هنا إلى وجوب تجنب مجالات الرياء ومظاهره ، ولا يكون ذلك إلا بإخفاء الطاعات والعبادات وسترها عن الملأ من الناس ريثما يثق الإنسان بنفسه ويحرز فيها الإخلاص ، ويجب أيضا زجر الشيطان وطرد هواجسه في المراءاة طردا حاسما والاعتماد على ما انطوى عليه قلب المؤمن من حب الإخلاص ومقت الرياء.
والذي يبدو لي أن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية قد رتب على الاعتقاد بالمعاد العمل الصالح وعدم الإشراك بعبادته لأن الاعتقاد بالوحدانية مع الإشراك في العمل متناقضان لا يجتمعان فالله تعالى لما كان واحدا فهو واحد في جميع صفاته ومنها المعبودية لا شريك له فيها.
سابعا : في النهي عن النجوى
روى زياد بن المنذر عن أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) قال : إن الله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال ، فقيل : يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله فقال : أن الله تعالى يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(٢)(٣).
__________________
(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ٤٦+ مقتنيات الدرر ، سيد مير علي الحائري ، ٥ / ١٣٩.
(٢) النساء / ١١٤.
(٣) الكافي ، الكليني ، ٤ / ١٦٥+ قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ٢ / ٢٩٩.